صراع رعاية المفاوضات بين مالي والطوارق

يعمق الخلاف الجزائري الليبيي
فجأة توقفت مفاوضات السلام بين الطوارق وحكومة مالى، المفاوضات التي أستأنفت منذ بداية شهر غشت الماضي ،بعد التوصل الى اتفاقية لوقف اطلاق النار بين الطرفين، لم يبدي أيا من الطرفين بمبرارت ولا بأسباب تعطيل العملية التفاوضية، لم يتجه وفدا مالى والطوارق الى الجزائر في الخامس عشر من شهر شتنبر2008 كما كان مقررا. في أواخر شهر يوليوز2008 اتفق طرفي النزاع على بداية سلسلة من المفاوضات لتطبيق اتفاقية الجزائر الموقعة سنة2006 ،وتنص على منح اقاليم الشمال حيث الغالبية من الطوارق حكما ذاتيا يمكّن الطوارق من ادارة شؤونهم المحلية ،و تخصيص برامج تنموية تساهم الحكومة الجزائرية وأطراف مناحة في تمويلها،وتكوين شرطة محلية مكونة من المسلحين الطوارق تشرف لجنة مشتركة من الطرفين مالى والطوارق بالاضافة الى الجزائر على مراقبة نشاطها، و تخفيف التواجد العسكري المالى في الشمال واطلاق سراح أسرى الحرب. صراع الرعاية منذ تجدد الصراع سنة 2005 بدا خلافا حادا بين الحكومة الجزائرية ونظيرتها الليبية حول سبل التوصل الى حل للنزاع وبدأ تسابقا بين الدولتين على استضافت المفاوضات ومساعدة الطرفين على التوصل الى سلام دائما،حيث شهدت العاصمة المالية ومناطق الطوارق في الشمال صراعا بين قنصل ليبيا في باماكو،موسى كوني،والسفير الجزائري عبد الكريم غريب بنفس العاصمة ، لاستمالة الأطراف مستعملين كل الأساليب من التهديد بقطع الدعم ،تقسيم الطوارق الى مجموعات مؤيد لهذا الطرف أو ذاك، الى ارشاء زعيم المتمردين الطوارق كما اتهمت الصحف الجزائرية مؤخرا السلطات الليبية. وفيما كانت العاصمة الجزائرية على موعد مع وفدا أطراف النزاع لاستئناف المفاوضات في الخامس عشر من شتنبر،أستقبل في الجنوب الليبي ممثلى التحالف الديمقراطي الجناح السياسي للحركة الطوارقية المسلحة، وفي لقاء أشرف عليه الزعيم الليبي قال ممثل التحالف بأن الطوارق سلموا ملف قضيتهم للعقيد معمر القذافي، وفي خطوة أخرى اعتبرتها الجزائر تشويشا على جهودها لحل نزاع شمال مالى تسلمت السلطات الليبية 44 اسير مالي من زعيم متمردي الطوارق ابراهيم باهنكا،وتم نقلهم بالطائرة الى مدينة قاو لتسليمهم الى سلطات بلدهم لأثبات قوة النفوذ الليبي لدى المتمردين الطوارق، حيث فشل الطرف الجزائري في اقناع ابراهيم باهنكا تسليم الأسرى الحرب مع مالى. ويبدو ان الصراع الليبي الجزائري على المنطقة سوف يستمر فقد اعلنت السلطات الليبية عن اجراءات عملية لعقد مفاوضات سلام جديدة بين أطراف النزاع قريبا في طرابلس متجاوزة اتفاق الجزائر الذي كان الاطار الذي تدور المباحثات حول سبل تطبيقه.القلق الجزائري على خطوات ليبيا عكسته مقالات الصحف الجزائرية التي اتهمت ليبيا بتقويض جهود الجزائر لاحلال السلام في المنطقة. قيادات الطوارق التي كان من المنتظر أن تحل بالجزائر، اتجهت الى ليبيا لبدء جولة موسعة من المفاوضات تحت رعاية الزعيم الليبي معمر القذافي بطرابلس، ويعمل وسطاء ليبيون على تهيئ أرضية المفاوضات.وكان اعضاء من حركة الطوارق قد اثنوا على الهجوم الذي نفذه الجيش المالى ضد عصابات غندا كوي العنصرية، معتبرين تلك الخطوة دليل على نية مالي في التوصل الى حل حقيقي يأخذ بعين الاعتبار مطالب الطوارق ،وأبدوا استعدادهم لتذليل العقبات وتقديم كل الالتزامات لخلق ارصية مناسبة لانجاح مفاوضات السلام. وينتظر المراقبون الاجراءات التي ستتخذها الجزائر في أعقاب انتزاع الطرف الليبي لدور الوسيط وتقويض جهودها لحل أزمة شمال مالى. جذور المسألةيعود تاريخ الصراع في شمال مالى لبداية الاستقلال سنة1960، حين قاد الطوارق في مالي تمردا ضد الحكومة المركزية التي يرأسها موديبوكيتا الذي حاول تطبيق النظام الشيوعي والقضاء على الخصوصيات المحلية والثقافية، في سنة1963 هدأت ثورة كيدال ، بفضل تدخل جزائري لصالح حكومة موديبوكيتا.سلمت على اثرها الأخيرة، قادة الطوارق وحوكموا بالإعدام في باماكو،سنة 1969 انقلاب في مالى بقيادة موسى تراوري، لم يغير الحاكم الجديد من وضعية الشمال الذي اعتبر منطقة متمردة ضد الحكم المركزي، يجب إنزال العقوبة الجماعية بسكانها، تم تسميم الآبار وصودرت الثروة الحيوانية وانتزعت الأراضي وهمشت المنطقة ، فأضطر الطوارق إلى الهجرة نحو ليبيا والجزائر وموريتانيا. في بداية التسعينيات عاد الطوارق للتمرد وانتصروا على الحكومة المركزية بعد حرب عصابات استهدفت ثكنات الجيش المالي، انتقمت الحكومة وجيشها بشن عمليات ابادة ضد المدنيين الطوارق العزل." انتصار الطوارق حمل الديمقراطية لمالي" هذا ما كتبته الصحف الفرنسية بعد الإطاحة بالرئيس موسى تراوري ووصول أول رئيس ديمقراطي لمالي ألفا عمر كناري عبر انتخابات نزيهة، وقعت اتفاقية سلام بين الطوارق والحكومة الديمقراطية بحضور دول الجوار والأمم المتحدة والدول الخمس الكبرى.
تنص الاتفاقية على منح منطقة الشمال وضعية خاصة " لا مركزية" تمكن سكانها من تسيير شؤونهم المحلية وتكوين شرطة محلية وترقية لغتهم وثقافتهم المحلية وتمويل صندوق خاص بالمشاريع التنموية. جيوب المقاومة في دوائر الحكم خاصة الجيش، حالت دون تطبيق أيا من بنود الاتفاقية، طال الانتظار، استمر الجيش في إعدام النشطاء الطوارق دون محاكمة ،لم يحاسب أحد، لم يكن هناك أي دليل على استعداد الحكومة المالية تطبيق الاتفاقية، الدعوات المتكررة باءت بالفشل.
الجزائر بدورها كانت ضد تطبيق الاتفاقية، فإعطاء الطوارق في شمال مالي وضعية خاصة سيحفز طوارق الجنوب الجزائري على المطالبة بوضعية مماثلة. عام 2005 عاد الطوارق لحمل السلاح مطالبين بتطبيق اتفاقية السلام، عادت أجواء الحرب إلى شمال مالي لكن في ظروف مختلفة، انتشار الجماعات الإسلامية الإرهابية في المنطقة ، عصابات تهريب البشر والمخدرات، نتيجة تخلى الدولة عن دورها. اتهم الطوارق دون دليل بالتحالف مع الخارجين عن القانون لأنهم عارضوا الحكم المركزي وطالبوا بتطبيق اتفاقية تم التوقيع عليها بحضور وشهادة المجتمع الدولي.
على الأنصاري صحفي طوارقي

0 شـــــــــــــارك بــــرأيـــك: